فصل: أخبار غياث الدين بن خوارزم شاه مع التتر.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.مسير جنكزخان إلى خراسان وتغلبه على أعمالها وعلى خوارزم شاه.

وكان جنكزخان بعد أن أجفل خوارزم شاه في جيحون ومسير التتر المغربة في طلبه ملك سمرقند فبعث عسكرا إلى ترمذ وعسكرا إلى خوارزم وعسكرا إلى خراسان وكان عسكر خوارزم أعظمها لأنها كرسي الملك ومأوى العساكر وبعث مع العساكر ابنه جفطاي وأركطاي فحاصروها خمسة عشر أشهر وامتنعت فأمدهم جنكزخان بالعساكر متلاحقة وملكوها ناحية ناحية إلى أن استوعبوا ثم نقبوا السد الذي يمنع ماء جيحون عنها فسال إليها جيحون ففرقها وتقسم أهلها بين السند والعراق وهكذا قال ابن الأثير.
وقال النسابي كاتب جلال الدين: إن دوشي خان عرض عليهم الأمان وخرجوا إليه فقتلهم أجمعين وذلك في محرم سنة سبع عشرة وعاد دوشي خان والعساكر إلى جنكزخان فوجدوه بالطالقان.
وأما عسكر ترمذ فساروا إليها وملكوها وتقدموا إلى كلابه من قلاع جيحون فملكوها وخربوها وعسكر فرغانه كذلك وأما عسكر خوارزم فعبروا إلى بلخ وملكوها على الأمان سنة سبع عشرة وأنزلوا بها شحنة ثم ساروا إلى الزوزان وأيدحور ومازندان فملكوها وولوا عليها ثم ساروا إلى الطالقان وحاصروا أربعة أشهر أخرى ثم أمر بنقل الخشب والتراب ليجتمع به تل يتعالى به البلد فلما استيقنوا الهلكة فتحوا الباب وصدقوا الحملة فنجا الخيالة وتفرقوا في البلاد والشعاب وقتل الرجالة ودخل التتر فاستباحوها وبعث جنكزخان عسكرا إلى سبا مع صهره قفجاق نون فقتل في حصارها ثم ملكوها فاستباحوها ويقال قتل فيها أكثر من سبعين ألفا ثم بعث جنكزخان في العساكر إلى مدينة مرو وقد كان الناجون من هذه الوقائع انزووا إليها فاجتمعوا بظاهرها أكثر من مائتي ألف لا أشهر واستنزلوا أميرها على الأمان.
ثم قتلوهم جميعا وحضر جنكزخان قتلهم يقال قتل فيها سبعمائة ألف ثم ساروا إلى نيسابور فاقتحموها عنده وقتلوا وعاثوا ثم إلى طرابلس كذلك ثم ساروا إلى هراة فملكوها على الأمان وأنزلوا عندهم الشحنة وعادوا إلى جنكزخان بالطالقان وهو يرسل العساكر والسرايا في نواحي خراسان حتى أتوا عليها تخريبا وذلك كله سنة سبع عشرة والله تعالى أعلم.

.إجفال جلال الدين ومسير التتر في إتباعه وفراره إلى الهند.

ثم بعث العساكر في طلب جلال الدين وقد كان بعد مهلك أبيه وخروج تركمان خاتون من خوارزم سار إليها وملكها واجتمع إليه الناس ثم نمي إليه أن قرابة تركمان خاتون وهم البياروتية مالوا إلى أخيه يولغ شاه وابن أختهم وأنهم يريدون الوثوب بجلال الدين ففر ولحق بنيسابور وجاءت عساكر التتر إلى خوارزم فأجفل يولغ شاه وأخوه ليلحقوا به بنيسابور فأدركهم التتر وهم محاصرون قلعة فندهار فاستلحمهم ثم سار غزنة فملكها من يد الثوار الذين استولوا عليها أيام هذه الفتنة وذلك سنة ثمان عشرة ولحق به أمراء أبيه الذين تغلبوا على نواحي خراسان في هذه الفتنة وأزعجهم التتر عنها فحضروا مع جلال الدين كبسه التتر بقلعة قندهار ولحق فلهم بجنكزخان وبعث ابنه طولي خان لقتال جلال الدين فهزمه جلال الدين وقتله ولحق الفل من عساكره بجنكزخان فسار في أمم التتر ولقي جلال الدين فإنهزم ولم يفلت من التتر إلا الأقل ورجع جلال الدين فنزل على نهر السند وقد كان جماعة من أمرائه إنعزلوا عنه يوم الواقعة الأولى بسبب الغنائم فبعث إليهم يستألفهم فعاجله جنكزخان وقاتله ثلاثا ثم هزمه واعترضه نهر السند فاقتحمه وخلص إلى السند بعد أن قتل حرمه أجمعين وذلك سنة ثمان عشرة والله تعالى أعلم.

.أخبار غياث الدين بن خوارزم شاه مع التتر.

كان خوارزم شاه قد قسم الملك بين ولده فجعل العراق لغور نشاه وكرمان لغياث الدين تمر شاه فلم ينفذ إليها أيام أبيه فلما فر خوارزم شاه إلى ناحية الري لقيه ابنه غورنشاه صاحب العراق ثم كانت واقعة التتر به على حدوى ولحق خوارزم شاه بجزيرة طبرستان ولحق غورنشاه بكرمان ثم رجع واستولى على أصبهان وعلى الري وزحف التتر إليه وحاصروه بقلعة أوند وقتلوه وكان أخوه غياث الدين بكرمان وملكه بينه وبين بقا طرابلسي أتابكه وفر إلى ناحية أذربيجان واستولى غياث الدين على العراق ومازندان وخوزستان فأقطع بقا طرابلسي همذان ثم سار غياث الدين إلى أذربيجان فصانعه صاحبها أزبك بن البهلوان ولحق به من كان متغلبا من أمراء أبيه بخراسان وكان أبنايخ خان نائب بخارى قد تغلب بعد الواقعة على نسا ونواحيها وجرجان وعلى شيروان وعامة خراسان وكان تكين بهلوان متغلبا على مرو فعبر جيحون سنة سبع عشرة وكبس شحنة التتر وأتبعوه إلى شيروان ولقوا إبنايخ خان على جرجان فهزموه ونجا فلهم إلى غياث الدين على العراق والري وما وراءها في الجنوب من موكان وأذربيجان وبقيت خوارزم طوائف وفي كل ناحية منها متغلب وعساكر التتر في كل وقت تدوخ بلاد العراق وغياث الدين منهمك في لذاته والله تعالى أعلم.